دليل صناعة المجوهرات الذهبية

الذهب هو معدن ثمين يعود تاريخه إلى 3500 قبل الميلاد، وهو معروف بمظهره اللامع وقيمته العالية، وبنجاحه في الاستحواذ على عقول البشر على مر العصور. ويتميز كذلك بمرونته وقابليته للطي والتطويع، حيث يمكن استخدامه لمجموعة متنوعة من الأغراض، مثل توصيل الكهرباء عبر اللوحة الأم في أجهزة الكمبيوتر، أو تشغيل الأقمار الصناعية التي يتم إرسالها إلى الفضاء. ومع ذلك، فإن اكتشاف البشر لإمكانية استخدامه في تصنيع المجوهرات كان بمثابة المكسب العظيم للبشرية بأكملها، والذي ساعده في التربّع على عرش كافة أنواع المعادن والمجوهرات الأخرى منذ ذلك الحين.

عندما يفكر الناس في المجوهرات الذهبية، فإن أول ما يخطر على بالهم هو الذهب الأصفر، حيث يعتقد الكثير منهم خطأً أن الذهب الأصفر يتمتع بدرجة نقاء أكبر مقارنةً بالذهب الأبيض أو الوردي، وذلك بسبب لونه. ولكن في الواقع، فإن نسبة الذهب الخالص في الذهب الأصفر عيار 18 مماثلة تمامًا لتلك الموجودة في الذهب الأبيض أو الذهب الوردي عيار 18. وتتميز سبائك الذهب من هذا النوع باحتوائها على نسب من النحاس والزنك والفضة أيضًا، مما يساعدها على الحفاظ على لونها الذهبي المميز. 

في الماضي، كان يتم تشكيل جميع المعادن المستخدمة في صناعة المجوهرات، بما في ذلك الذهب، بشكل يدوي، وكان يتم تثبيت الأحجار الكريمة في مشابكها بصعوبة بالغة. ولكن بفضل التطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن، أصبح بإمكان صاغة المجوهرات استخدام مجموعة متنوعة من الآلات المتطورة التي تساعدهم في تصنيع المجوهرات الذهبية بسرعة أكبر.

من المناجم إلى مجوهرات ذهبية رائعة

يكون الذهب في الوضع الطبيعي في أنقى صوره ويُشار إليه باسم "الذهب عيار 24"، إلا أنه يكون لينًا بدرجة قد تصعب علينا استخدامه في صناعة المجوهرات، فالمجوهرات عيار 24 نادرة و قليلة.  لذا عادةً ما يتم استخدام سبيكة من الذهب عيار 18 أو 21 لذلك الغرض.

ويُطلق على الذهب، "الذهب الأبيض"، إذا تمت إضافة النيكل أو الفضة إلى سبائكه، ومن الأمثلة عليه، دبل الزواج، التي تكون مصنوعة غالبًا من الذهب الأبيض. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخراج الذهب المُستخدم في المجوهرات من معادن معينة أخرى، مثل الزنك والفضة والنحاس والرصاص.

من الطرق البديلة الأخرى للحصول على الذهب المُستخدم في المجوهرات هي الرواسب الغرينية ورواسب العقد أو العروق. ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن الفهم الجيد لنوع الرواسب سيحدد تقنية التعدين التي سيتم استخدامها لاستخراج الذهب فيما بعد.

بعد استخراج الذهب، تبدأ عملية تنقيته. وتوجد عدة طرق لذلك، بما في ذلك طريقة الكربون في اللب، والدمج، ورشح السيانيد، والطفو. وعلى الرغم من إمكانية استخدام أكثر من عملية من هذه العمليات الأربع معًا، إلا أن عملية واحدة منها تكون كافية في العادة. ويعتبر الطحن التمهيدي للذهب الخام ضروريًا أيضًا قبل البدء في عملية تصنيعه. وبعد هذه الخطوات، يبدأ الصاغة المهرة في عملية صهر الذهب في تصاميم رائعة لتشكيل العقود الذهبية، والتعليقات، والأقراط، ومختلف قطع المجوهرات الذهبية الرائعة الأخرى. ويمكننا تقسيم طرق تصنيع الذهب كالتالي:

•  صب الذهب

تعتبر طريقة صب الذهب إحدى أشهر الطرق لتصنيع المجوهرات الذهبية، وهي تستخدم برنامج "CAD" لتصميم نماذج شمعية بواسطة طابعة ثلاثية الأبعاد. يتم أولًا عمل قالب بالتصميم المطلوب لقطعة المجوهرات. ويتم ملء ذلك القالب بالشمع السائل الساخن، حتى يبرد ويصبح صلبًا. ومن ثم يتم الكشف عن المجوهرات الموجودة بداخل الشمع شيئًا فشيئًا بمجرد إزالته من القالب. تُعرف الخطوة التالية باسم "صب الاستثمار"، والتي يتم فيها وضع جص في الفرن قبل تسخين الشمع، لتتم إذابة الشمع بواسطة حرارة الفرن، تاركةً الجص الذي أصبح صلبًا، ليتم ملء التجويف بالذهب المصهور حتى يبرد على الفور. وعند الانتهاء من صقل قطع الذهب، يمكننا الحصول على قطع المجوهرات الذهبية الرائعة.

• ضرب القوالب

يتم استخدام طريقة الضرب بالقوالب لصناعة المجوهرات الذهبية الرقيقة وخفيفة الوزن، ويتم القيام بها بشكل سريع، وذلك من خلال تشكيل صفائح رقيقة من الذهب باستخدام قوالب كبيرة تكون مطبوعة بشكل مسبق بصورة أو نص. تشبه هذه الطريقة فكرة عمل خرامة الورق إلى حد كبير، ومن أشهر الأمثلة عليها، تصنيع الخواتم الذهبية عيار 18 أو التعليقات الذهبية القديمة.

• التشكيل الكهربائي

تتضمن هذه الطريقة عمل نسخ من الشمع وتغطيتها بطبقة معدنية رقيقة مشحونة كهربائيًا. ليتم بعد ذلك وضع تلك النسخ في سائل مشحون كهربائيًا يحتوي على كميات قليلة من المعادن الثمينة. ستلتصق هذه الجسيمات في الطبقات المتعددة لنسخ الشمع، فيما ستسمح فتحة صغيرة في الغلاف المعدني الصلب الثمين للشمع بالذوبان والاختفاء. ويتم استخدام هذه الطريقة في تصنيع أجمل المجوهرات المجوفة التي تتميز بأحجامها الكبيرة وخفة وزنها ومتانتها وجرأة تصاميمها.

• التصنيع اليدوي

على الرغم من توفر العديد من الآلات المتطورة المخصصة لصناعة المجوهرات الذهبية، إلا أن المجوهرات الذهبية المصنوعة يدويًا لا تزال تتميز بتفردها. في هذه الطريقة، يتم تسخين الذهب بعناية حتى يتحول إلى كتلة يمكن تشكيلها ببطء، ثم يتم نقله إلى عجلة حديدية، حيث يتم دحرجته فوق عدد من الصفائح أو الأسلاك التي ستشكل في النهاية الأجزاء المختلفة من قطعة المجوهرات.

في الخطوة التالية، يتم تصنيع المشابك التي ستحمل الأحجار الكريمة، بالإضافة إلى قاعدة لقطعة المجوهرات. عندما يتم الانتهاء من تصنيع جميع مكونات قطعة المجوهرات، يجب التأكد من أن جميعها ملحومة بشكل جيد. كما يجب تلميعها وتنظيفها جيدًا من أجل التخلص من أي زوائد في الأماكن الدقيقة فيها. بعد ذلك، يتم تثبيت كل حجر من الأحجار الكريمة في المشبك الخاص به بدقة بواسطة أداة ضبط. وتعتمد الجودة النهائية لقطع المجوهرات المُصنّعة يدويًا بشكل كامل على مدى الموهبة التي يتمتع بها الصاغة الذين يقومون بتصنيعها.

الفرق بين صناعة المجوهرات الذهبية والمعادن الأخرى

لا يختلف العمل في تصنيع الذهب عن المعادن الأخرى كما قد تتصورون ربما. غالبًا ما يبدأ صاغة المجوهرات الذهبية بتعلم حرفتهم بالتدرب على صناعة النحاس، ثم ينتقلون إلى الفضة، ليبدأوا أخيرًا العمل في الذهب. وفي العموم، يُنصح الحرفيون بخوض تجربة العمل على تصنيع المعادن رخيصة الثمن قبل البدء بالعمل مع المعادن الثمينة، وذلك لصقل مهارات التصنيع لديهم.

يمكن لحام الذهب بنفس طريقة لحام المعادن الأخرى، وربما تكون عملية لحامه أبسط من الفضة حتى! ولكن سيكون من الضروري الاستعانة بشعلة لهب كبيرة، مثل Go System Pro Torch، وفلكس سائل أو مساعد لحام قوي، مثل Auflux، وكتلة فحم لتثبيت القطع الذهبية. كما ويُنصح بلف بعض أسلاك الربط عدة مرات حول جوانب كتلة الفحم، لأنها معرضة للذوبان بفعل الحرارة، ويساعدها هذا الإجراء على البقاء لفترة أطول.