من أول من ابتكر خواتم الزواج
نود أن نستعرض معكم في هذا المقال بعض الأمور المتعلقة بحفلات الزفاف، خاصة مع انطلاق فعاليات معرض العروس هذا الشهر في أبو ظبي. بمجرد أن نسمع كلمة حفل زفاف، فإن أول ما قد يتبادر إلى أذهاننا هو باقة الزهور وفستان الزفاف والخاتم، حيث أن هذه الأشياء كانت ومازالت أبرز رموز الزفاف منذ أكثر من مائة عام. ولكن يبقى السؤال: هل تُعتبر خواتم الزواج ابتكارًا حديثًا نسبيًا مثل باقة الزهور أو فستان الزفاف الأبيض، أم أنه تقليد موجود منذ زمن أطول مما نعتقد.
إن خواتم الزواج في الواقع تقليد قديم بقدم الأهرامات في مصر، حيث تُعتبر عادة امتلاك جوهرة خاصة للدلالة على الحالة الزوجية والتأكيد على الإخلاص لشخص معين هو أحد الابتكارات المثيرة للاهتمام للمصريين القدماء، حيث كانوا يرتدون خواتم من القصب أو العظام أو الجلد أو العاج للدلالة على الإخلاص بين الزوجين، واختاروا أن يكون شكل الخاتم دائري ليس له نهاية، للتأكيد على استمرار هذا الإخلاص مدى الحياة. كان ومازال خاتم "الأوربوروس" المصري الشهير على شكل ثعبان يبتلع ذيله يحظى بشعبية في المجوهرات حتى يومنا هذا، وهو يُعتبر أقدم رمز للدلالة على علاقة الزواج الأبدية.
وكان من المساهمات الأخرى التي قدمها المصريون القدماء هو المكان الذي يجب ارتداء خواتم الزواج فيه، حيث اختاروا أن يتم ارتداؤه في الإصبع الرابع بعد الإبهام في اليد اليسرى، إذ كان لديهم اعتقاد أن هذا الإصبع يرتبط بوريد يتصل بالقلب مباشرة.
وانتقل ذلك التقليد فيما بعد حتى وصل الإغريق ثم الرومان، والذين قاموا بدورهم بإضافة بعض الأمور إليه. فعلى سبيل المثال، استخدم الرومان الحديد كمعدن لصناعة الخواتم لأنه أكثر متانة، كما كانت إضافة النقوش إلى الخواتم من أبرز مساهماتهم في هذا المجال أيضًا.
يُعتبر خاتم "فيدي" من الابتكارات الحديثة، وهو على شكل يدين مشبوكتين محفورتين، بالإضافة إلى الخاتم التوقيع الذي يتم صبه بالذهب أو ينحت في الحجر، والذي يُعتبر أحد التصاميم الأخرى المبتكرة لخواتم الزواج.
أضافت الكنيسة لمسة أكثر قدسية على خواتم الزواج خلال العصور الوسطى، فلم تحبذ استخدام الخواتم الفاخرة، وفي المقابل كانت تشجع ارتداء الخواتم الأكثر اعتدالًا وتواضعًا. ومع بدء إقرار إتمام مراسم الزواج بشكل قانوني وإقامة حفلات الزفاف الكنسية، أصبح تبادل دبل الزواج بمثابة طريقة رسمية لإعلان بداية العلاقة الزوجية المبنية على الإخلاص لبعضهما البعض مدى الحياة.
وعلى الرغم من ذلك، لم يبدأ الرجال في ارتداء دبل الزواج الخاصة بهم إلا خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك لأنه كان يتم إرسالهم إلى الحرب في أماكن بعيدة عن عائلاتهم وكانوا بحاجة إلى شيء ما يذكرهم دائمًا بأحبائهم، وكان ذلك الشيء هو خاتم الزواج الخاص بهم.
أصبحت خواتم الزواج أكثر تخصيصًا في الآونة الأخيرة، حيث أصبحت الخيارات متاحة أمام الأزواج لينتقوا منها ما يحلو لهم بغض النظر عن أي تقاليد معهودة، فإن اللمسة الفردية في هذا المجال تصبح أكثر وضوحًا عامًا تلو الآخر. وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك اختلافات بين الثقافات فيما يخص خواتم الزواج، إلا أن الخاتم، سواء كان مصنوعًا من الذهب أو الأحجار الكريمة، سيبقى رمزًا أبديًا للدلالة على الحب والإخلاص.
